وبالرجوع للمعنى اليونانى للكلمة You skaymonos نجد أنها تعنى الرقة والأناقة والزينة الحسنة او الزخرفة والديكور.
تأمل هذه الكلمات جيداً “الزخرفة – الأناقة – الزينة”، لاشك أن هذا الأمر مطلب اساسى فى ” رحلة الزواج الطويلة “.
وما أكثر القباحة التى نراها بين الأزواج !! ولا أقصد فقط قباحة الشكل أو اللبس، لكن قباحة السلوك والكلمات والتصرفات والسلوكيات.
أخطبك لنفسى الى الأبد (هو2 : 19)
الله يعرف جمال فترة الخطوبة .. يعرف أن شريكى الحياة يحرصان أن يظهرا أجمل ما عندهما للآخر .. لذلك استخدم الوحى تعبير “أخطبك الى الأبد” ليحدثنا عن استمرار حالة الفرح والإبهار والسعادة بين المتزوجين – ليس فترة الخطوبة فقط – ولكن طوال فترة الزواج، وكأن الزواج “خطبة دائمة” !!
ومن هذا المعنى الهام يجب أن نأخذ الكثير من الدروس والعبر.
فالزواج مثله مثل أى عمل جاد يحتاج الى الأستثمار والمتابعة والجهد المتصل، والإ يصاب بالمرض والعجز والتدهور.
ان الزواج مثل الوردة اليانعة الصابحة الجميلة : ان لم يقم الزوجان برعايتها، سرعان ما يصيبها ذبول الإهمال وتفقد نضارتها ورائحتها وعبيرها، وتنحنى لأسفل باكية حزينة تعسة !
زينة الروح الوديع الهادئ (1بط3 : 4)
أهم زينة يجب أن يتحلى بها الزوجان هى زينة “الكلام”. الكلمة الطيبة المشجعة لها أكبر الأثر فى النفس … “فالغم فى قب الرجل يحنيه والكلمة الطيبة تفرحه” (أم12 : 25) ومياه باردة لنفس عطشانة، الخبر الطيب من أرض بعيدة (أم25 : 25) .. ويقول الحكيم أيضاً “الكلام الحسن شهد عسل حلو للنفس وشفاء للعظام” (أم16 : 24). لماذا لا نبدأ بتطبيق هذه المبادئ الذهبية فى بيوتنا ومع عائلاتنا .. فأنا لا أعرف مكاناً آخر أشد من بيوتنا احتياجنا الى ذلك ولا أشد منها حرماناً.
لماذا لا نبدأ باستخدام كلمات رقيقة كهذه “أسف لإزعاجك” أو “هل تسمح” أو” اشكرك” … أو”ما أجمل هذا الأمر” أو أقدر لك كل تعبك كل تقدير” مثل هذه العبارات تفعل فعل السحر فى النفوس، وتقطر الزيت فى عجلة الحياة اليومية التى قتلها الملل.
أيها الزوج الحبيب … أيتها الزوجة العزيزة ..
ان الكلمات القاسية الجارحة هى “سرطان الحياة الزوجية” .. وهى السم الذى يسرى فى العائلة، فيصبها بالوهن والعجز أو حتى الوفاة !! ومع ان هذه حقيقة بديهية إلا إننا جميعاً وبلا استثناء لا نكف عن الاجتهاد الذى يصل لحد الإتقان فى هدم بيوتنا !! وعندما تهدم بيتك، أفتظن أنك تنجو ؟! إنك أول الخاسرين إذا اصاب شريك حياتك التعاسة الزوجية، و”من يكدر بيته يرث الريح” (أم11 : 29)
ولاسيما أهل بيته (1تى5 : 8)
هناك ظاهرة عجيبة تستحق الدراسة : أغلبية الأزواج والزوجات يسرعون إلى اللياقة والكياسة والرقة خارج المنزل !! فتجد الزوجة غاية فى الأدب والذوق مع البائع أو حائك الملابس أو حتى عامل السيارات ! وبالمثل تنتاب الزوج حالات من خفة الظل مع كل إمرأة يعاملها خارج المنزل سواء من الأقارب أو المعارف أو زميلات العمل، وتنطلق من فمه الضحكات والكلمات العذبة المملؤة بالأدب والأحترام، يوزعها على كل الحاضرات، باستثناء طبعاً زوجته المغلوبه على أمرها !! فهل هكذا ينمو الحب والهناء داخل الزواج !! لماذا لاتبدأ بالحديث العذب فى بيتك ؟ لماذا لا تسرع – مثلاً بالكلام الطيب الحلو مع زوجتك، فتكيل لها المديح بدلاً من اللوم والإهانة الذى صار مضرب الأمثال لكل من يعرفك !! فإذا جاءتك – مثلاً – زوجتك بطعام لا تستسيغ طعمه أو كان بارداً بعض الشئ فلا تصب جام غضبك عليها منتقداً الطعام، ثم تنتقل من الهجوم على طعامها إلى الهجوم عليها وعلى ماضيها وعلى الأولاد وعلى عائلتها بأكملها !!
وماذا ننتظر بعد ذلك ؟ هل تتوقع من زوجتك “المجروحة” ان تقبل عليك، فتقبل وجنتيك وتضمك الى قلبها، ثم تنحنى لك أسفاً وأعتذاراً !! هل تتوقع منها الاحترام والأدب واللين ؟
أبداً .. سوف تكيل لك الكلمة بالكلمة والإهانة بالإهانة حسب ابسط قوانين الطبيعة : لكل فعل رد فعل مساو له فى القوة ومضاد له فى الاتجاه !!
أما إذا كنت من اللياقة والأدب فشكرتها على تعبها وامتدحت اهتمامها وانشغالها بإعداد الطعام، ثم اردفت ذلك بملاحظة عابرة تقول فيها ” ربما يحتاج هذا الطعام الى قليل من العناية ليكون كما تعودت ان اتناوله من يديك”. حينئذ سوف تعمل زوجتك على أن يأتى الطعام فى المرة القادمة محتفظاً بحسن ظنك فيها. هكذا يعلمنا الكتاب “زوجها أيضاً فيمتدحها” (أم31 : 28).
كعروس مزينة لرجلها (رؤ21 : 2)
نقطة اخرى هامة فى اللياقة هى “المظهر” الخارجى .. من علامات الأهتمام بالآخر أن أتزين لأقابله، علامة تقدير واعتبار وإكرام .. وإذا رجعت الى أيام الملك أحشويرش ملك فارس (است2 : 12 – 14)، تجد ان الزوجة التى أراد الملك اختيارها، كان يتحتم عليها أن تكمل أيام التعطر 6 أشهر بزيت المر و 6 أشهر بالأطياب والأدهان !!
تخيل كم الأحترام والأهتمام الذى كانت المرأة تفعله، لكى تدخل للملك، فتحسن أمام عينيه وتنال الحب والأحترام !!
أكاد أسمعك تقولين، أيتها الزوجة العزيزة : هل يتحتم على أن أفعل ذلك ألم يكن هذا الأمر من غابر الزمن، وقديم الأيام !!
نعم ، بالتأكيد … لكن ما أتحدث عنه هو المعنى والمغزى .. نحن هنا نتحدث عن اهتمام الزوج – الزوجة بحسن مظهره أمام شريك حياته .. قطعاً، حتماً، المسيحية تدعونا إلى زينة القلب والأخلاق والسلوك (1بط3 : 6) ولاشك أن المسيحية ضد التبذير والتبرج والمبالغة والتركيز على العالميات والأرضيات. لكن المسيحية فى نفس الوقت تدعو الى الأناقة والجمال والنظام والتناسق.
+ فقد أعطى لعازر الدميشقى لرفقة زوجة اسحق أب الآباء آنية فضة وآنية ذهب وثياباً لتتجمل بها لكى تذهب وتلاقى زوجها
+ وطلبت نعمى من راعوث أن تغتسل وتتعطر وتلبس أجمل ثيابها وهى ذاهبة لملاقة بوعز (راعوث 3 : 3).
+ وتزينت الملكة إستير بثيابها الملكية البديعة وهى ذاهبة لتقابل زوجها الملك أحشويرش (إس5 : 10).
+ ويتحدث الكتاب المقدس عن العروس فيربطها دائماً بالزينة “هل تنسى عذراء زينتها ؟” (أر2 : 32).
ان الله فى حبه للجمال زين الكون باجمل الألوان وأبدعها، فى الطبيعة بجبالها ومراعيها، فى الزهور بالوانها وروائحها العطرة، فى الطيور والحيوانات والأسماك بكل تنوعها المبدع وزينتها الفائقة .. إذن هى دعوة لأن تتجمل الزوجة لزوجها والزوج لزوجته .. مرة اخرى سنتحدث هنا عن العناية والأناقة والجمال وليس عن التبذير والمبالغة.
مللت حياتى (تك27 : 46)
نصيحة أخرى للكل : قاوموا الملل .. فالتجديد هو احد أهم أسرار السعادة الزوجية !! لماذا ؟ لأن الرتابة والروتين مثل البِركة الراكدة، تصيبها الأمراض وتهاجمها الآفات ويدمرها السكون والملل .. حتى فى العلاقة بالله نسمع عن الترنيمة الجديدة (رؤ5 :9)، (مز149 : 1)،(مز96 : 1). والأغنية الجديدة (مز33 : 3 وإش42 : 10)، والخليقة الجديدة(2كو5 : 17) والوصية الجديدة (1يو2 : 7و2 يو1 :5). ويحدثنا الكتاب كذلك عن الإنسان الروحى الذى يتجدد للمعرفة (كو3 : 10 ، 2كو4 : 16 ، أف4 :33). وعن الخادم الذى يخرج من كنزه جدداً وعتقاء (مت13 : 52)
وماذا يعنى هذا ؟ يعنى السعى الدؤوب لإخراج العلاقة بالله من فخ الملل والتكرار والرتابة التى تقتل الإبداع وتدمر الابتكار والإضافة والتجديد. وبالمثل الحياة الزوجية ..على الزوج والزوجة أن يبدعا معاً فى الابتكار والخلق المستمر لإخراج الزواج من “أزمة التكرار” !! والأمثلة كثيرة ولا تحصى، وتختلف من عائلة الى أخرى ومن زمان لزمان !!
فتغيير ترتيب المنزل، والاحتفالات المتكررة، وتطوير الملابس والزينة، والخروج للراحة والترفيه، أو الذهاب للرحلات والمصايف وغيرها من مئات الحركات اليومية الجريئة التى تقتل السأم واليأس من جوانب المنزل !!
خطوبة مستمرة
راجع تاريخ حياتك قبل الزواج، وبالتحديد فترة الخطوبة، إذا كنت ماتزال تذكرها !! عد معى الى هذه الأيام وتذكر حالة الإبهار والمتعة والسعادة التى عشتها، بمشاعرها ولذتها ومتعتها.