منذ حوالى عشرة سنوات، وبالتحديد يوم 31 أغسطس عام 1997 لقيت الأميرة ديانا، أميرة ويلز، وأحدى أهم جميلات العالم مصرعها فى حادث مأسوى وهى بصحبة الملياردير الأشهر فى عاصمة الضباب لندن، دودى الفايد.
وهذه الأميرة الرائعة الجمال، التى تربعت على عرش أنجلترا والتى لقبها العالم بأميرة القلوب، اقترنت بولى عرش إنجلترا الأمير شارلز فى” زواج العصر” !!
لقد عاشت أجمل أيام عمرها، حيث تكلل زواجها بالحب والثراء ورغدة العيش لكن هذا الزواج مالبث أن تحطم على صخرة النكد والشقاق والخصام …
فقد بدأ الأمير شارلز يهاجمها، ويسخر منها، ويتهمها بالإهمال وقلة الجمال .. وتسلل النكد والشقاق لحياتهما، فاصيبت الأميرة الجميلة، سندريلا عصرها، بمرض البولميا Bulimia والذى كان يجعلها تأكل لحد التخمة، ثم تمد يدها فى جوفها لتتقيأ كل ما بداخله !!
وازداد النكد والخلاف .. وانطلق قلب الأمير بعيداً ليحب كاميلا Camilla صديقته الحميمة، والتى فضلها رغم قلة جمالها وضعف شخصيتها إذا ما قورنت بأميرة القلوب ..وازداد مرض الأميرة بعد الرفض الجارح والهجوم الكاسح والخلاف الواضح . واندفعت الأميرة فى قصة حب يائسة مع الملياردير دودى الفايد .. وانتهى الأمر بمصرع الأثنين فى حادثة مروعة، حيث اصطدمت السيارة التى تقلهما بحوائط نفق مظلم فى ضواحى باريس وهى تسير بسرعة تفوق 120 كيلو مترا فى الساعة !!
وعاشت الأميرة مرفوضة محطمة من زوجها الذى رفضها قولا وفعلا .. وبسبب هذا الرفض المستمر، انهارت جميلة الجميلات .. لم يشبعها حب العالم كله، فارتمت فى أحضان المرض والحب والموت !!
قصة أخرى من قصص الزواج الفاشل ..
من حوالى 130 عام، وقع نابليون الثالث إمبراطور فرنسا، وابن عم نابليون بونابرت فى غرام مارى أوجينى إجناس كونتيسة ” تيبا ” وأجمل نساء الدنيا فى ذلك الوقت .. وتوج هذا الحب بالزواج.
وبالرغم أن مشيريه حاولوا إثنائه عن هذا الزواج، بحجة أنها ابنة كونت أسبانى لايعرف له ماضى، فقد أصر الأمبراطور على الزواج منها متحدياً شعبه .. وصرح الإمبراطور الهائم فى خطبة العرش التى ألقاها : ” لقد فضلت امرأة أحبها وأقدرها على أخرى غريبة عنى لا أكن حباً لها “.
ولك أن تتخيل – عزيزى القارئ – قصة الحب هذه التى تراكمت فيها كل مقومات السعادة الزوجية : الصحة والجاه والشهرة والجمال والسلطة .. لكن هذا الحب الجارف الذى جمع قلبى الإمبراطور والكونيسة سرعان ما تحول إلى رماد !!
فقد استولى على اوجينى شيطان الغيرة، وملك عليها الشك، فحرمت على زوجها أى لحظات انفراد بنفسه، وتدخلت فى كل شئونه واندفعت تهاجمه وتتهمه بالخيانة .. واستمرت تلاحقه وتنغص عليه أوقاته، ومتدثراً بأستار الظلام ليخونها مع فتيات الليل !!
هذا ما جلبه نكد الإمبراطورة اوجينى …
لقد كانت تعرف الكثير عن أصول الاتيكيت، والأناقة و الموضة والذوق والأدب أصول الحكم .. لكنها كانت جاهلة كل الجهل بفنون السعادة الزوجية !!
نعم .. النكد هو أقسى المبتكرات الجهنمية التى أبدع فى أختراعها سكان الجحيم لتحطيم الحب .. وهو مرض، إذا دخل الحياة الزوجية يشبه لسعات العقارب المميتة المهلكة !!
وليس أدل على ذلك من السرطان الذى أصاب الحياة الزوجية لدى الكاتب الأشهر تولستوى ..
فقد كان تولستوى ولا زال من أبرع القصاصين الذين عرفهم التاريخ ولا أدل على ذلك من قصتى” الحرب والسلام ” “وأنا كارينا”، وهما بشهادة العالم من عبقريات القصص الخالدة ..
وكان تلاميذ تولستوى ومحبيه يلاحقونه فى الليل قبل النهار ويدونون كل كلمة يقولها كما لو كانت وحياً منزهاً وكان بيت تولستوى مملوءاً بالحب والثروة والشهرة !! وجمع الحب بينه وبين زوجته الكونتيسة تولستوى، حتى وصلت المحبة التى بينهما إلى كل من عرفها .. ثم حدث تغيير عجيب فى حياة الكاتب العبقرى .. فقد تحولت حياته إلى الزهد والنسك، واعتزم أن يكرس نفسه لإصدار كتب ومؤلفات تحث على السلام، ونزع الحرب، والفقر من العالم ..
وقد صرح – بعد هذا التغيير الحاد – أنه قرر أن يتوب عن كل الآثام التى ارتكبها، وحاول تولستوى أن يسترشد بطريقة المسيح، فتخلى عن ممتلكاته وعاش زاهداً يعمل بيديه، يفلح الأرض وينظف المنزل، ويتناول أبسط الأطعمة.
وبدأ النكد يزور بيت تولستوى ..
فقد رفضت زوجته هذه الحياة الزاهدة، إذ كانت تعشق الثروة والشهرة .. فبدأت تنغص علية حياته، وتحتقره وتسفه آراءه، تلعنه علناً حينما يصر أن يرفض المال الذى يتدفق عليه، والمجد الذى يقرع بابه دائماً !! ووصل الأمر بالكونتيسة أنها كانت تمسك بيدها زجاجة السم وترتمى فى الأرض صارخة، مهددة إياه بالأنتحار إذا لم ينزل عند إرادتها !!
وعندما بلغ تولستوى الثمانية والثمانين من عمره، عجز عن احتمال الشقاء الذى احتل بيته، وسيطر على زواجه، فتسلل هارباً ذات ليلة عاصفة ثلجية من ليالى شهر أكتوبر عام 1910 .. وبعد ذلك بأحد عشر يوماً وجدت جثة تولستوى فى فناء إحدى محطات السكك الحديدية، إذ مات متأثراً بالتهاب رئوى حاد .. فهل تعلم ماهى الوصية التى أوصى بها قبل موته؟ لقد أصر الكاتب العبقرى ألا يسمح لزوجته برؤيته عند موته !!
هذا هو الثمن الذى دفعته الكونتيسة ” تولستوى” مقابل ما قدمته من نكد وتنغيص وشكوى وهجوم !
السكنى فى أرض برية (أم 21 : 19)
هناك أناس مولعين بالخصام والنزاع والجدل العقيم .. فهل تعلم ماذا قال عنهم الكتاب المقدس اسمع القليل من الكثير..
+ الإنسان الغضوب يضرم النزاع والرجل الخاطئ يبلبل الأصدقاء ويلقى الشقاق بين المسالمين (سيراخ 28 : 11).
+ الوكف (المطر) المتتابع فى يوم ممطرة والمرأة المخاصمة سيان (أم 27 : 15).
+ السكنى فى زاوية السطح خير من امرأة مخاصمة وبيت مشترك (أم 21 : 9 ، أم 25 : 4).
+ السكنى فى ارض برية خير من امرأة حردة (أم 21 : 19).
المعنى أن المخاصم والمجادل منفر لا يحبه أحد ولا يُقبل عليه إنسان .. والمعنى التالى أن الخصام والنكد يؤدى إلى ابتعاد الناس عنك حسب قول الكتاب تصبح ” زاوية السطح” أفضل من بيت النكد وتصير ” البرية ” أحلى وأمتع من قصور الخصام والشقاق !! لا زال عندى من قصص النكد الكثير!!
من هذه القصص مثلاً قصة أبراهام لنكولن الرئيس الأشهر للولايات المتحدة الأمريكية .. فقد كانت مسز لنكولن تحيل حياة زوجها إلى جحيم مستمر !! فقد كانت دائمة الشكوى والأنتقاد .. وكانت تصب سهام نقدها على زوجها – لافيما بينها وبينه بل أمام المعارف والأصدقاء !
ويحكى ألبرت بفريدج عضو مجلس الشيوخ، وكاتب سيرة أبراهام لنكولن، أن مارى تود لنكولن (الزوجة الموقرة !!)، ارتكبت فى حق رئيس أكبر دولة فى العالم أخطاء لا تغتفر، منها مثلاً أنها فى ذات صباح، ولخطأ بسيط ارتكبه لنكولن قامت بقذف قدح القهوة الساخنة فى وجهه وهى تسبه وتلعنه!
وأسرعت مسز آرلى، وهى وصيفتهما لتمسح وجه لنكولن من آثار همجية زوجته ..
وماذا جنت مسز لنكولن؟ اتعرف ماذا؟ جنت كراهيته، وجفاءه وجعلته يندب حظه العاثر الذى اوقعه فى براثنها .. وظل لنكولن، مواظباً طوال حياته على قضاء عطلته بعيداً عن اسرته، مفضلاً إحدى فنادق ريف “سبر نجفيلد” المتواضعة على أن يعود إلى منزله لحصد النكد، ويشبع نقداً وإهانة !!
تلك هى النتائج التى حصدتها مسز لنكولن ومن قبلها الكونتيسة تولستوى، والإمبراطورة اوجينى، ومعهم كل زوجة وكل زوج يملأ بيته نكداً وخصاماً.. إنه حصاد الفرقة والغربة والألم ….